الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

لاهاي: إنكار إسرائيل لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية هو تحدٍ صارخ للعدالة ومحاولة يائسة للإفلات من العقاب

في خطوة تصعيدية جديدة، قدمت إسرائيل يوم الجمعة اعتراضاً رسمياً على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وذلك وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الإسرائيلية. وجاء في هذا الاعتراض أن المحكمة “تفتقر إلى الولاية القضائية اللازمة للنظر في القضايا المتعلقة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي لا تمتلك الصلاحية للنظر في القضية المرفوعة أمامها”.

كما أشار الاعتراض الرسمي إلى أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بإصدار أوامر اعتقال ضد المسؤولين الإسرائيليين هو بمثابة إجراء غير قانوني يتجاوز صلاحيات المحكمة.

تستند إسرائيل في اعتراضها إلى اتفاقيات أوسلو، مدعية أن هذه الاتفاقيات تنزع عن المحكمة الجنائية الدولية أي سلطة للنظر في النزاعات التي تتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وبناءً على ذلك، ترى إسرائيل أن المحكمة غير مخولة بإصدار أوامر اعتقال ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين، بما فيهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع.

إلا أن هذا الموقف الإسرائيلي، في نظرنا، يفتقر إلى الأساس القانوني السليم ويعتبر محاولة مكشوفة لعرقلة مسار العدالة. فعوضاً عن التعاون مع المحكمة ومواجهة الاتهامات الموجهة ضدها، تسعى إسرائيل إلى تعطيل الإجراءات القضائية وإثارة الشكوك حول اختصاص المحكمة. هذه الاستراتيجية ليست سوى تكتيك للمماطلة وكسب الوقت، بغية تجنب صدور مذكرات توقيف ضد المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.

لا يمكن تفسير هذا الاعتراض إلا على أنه تحدٍ واضح للعدالة الدولية ومحاولة إسرائيلية لتفادي المحاسبة على جرائمها المرتكبة في الأراضي الفلسطينية. فالادعاء بأن المحكمة الجنائية الدولية لا تمتلك الولاية القانونية يناقض بشكل صارخ المبادئ الأساسية للقانون الدولي، ويظهر عدم احترام إسرائيل لمؤسسات العدالة الدولية. لقد أظهرت الأحداث السابقة أن المحكمة الجنائية الدولية قد تعاملت مع قضايا مشابهة في مناطق أخرى من العالم، ولم تكن هناك أي طعون ذات قيمة قانونية في اختصاصها.

نحن نرى أن هذه المحاولات الإسرائيلية لن تثني المحكمة الجنائية الدولية عن القيام بواجبها في محاسبة مرتكبي الجرائم، ولا ينبغي لها أن تصرف انتباه قضاة المحكمة عن مسؤولياتهم. إننا نحث المحكمة على المضي قدماً في إجراءاتها دون تأخير، ونؤكد أن أي تأخير في إصدار مذكرات التوقيف سيؤدي إلى تعزيز الإفلات من العقاب وتشجيع المزيد من الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني.

قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
منظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان
21/09/2024

زر الذهاب إلى الأعلى