يتسارع مسلسل التراجع في هامش الحريات في المغرب منذ بضع سنوات، وذلك بعد سلسلة الاعتقالات و المحاكمات التي طالت صحافيين و إعلاميين بارزين (توفيق بوعشرين، هاجر الريسوني، سليمان الريسوني، حميد المهداوي, عبد الكبير الحر…)، وكذا الأحكام القاسية التي طالت نشطاء حراك الريف، إضافة إلى الاحكام بالسجن التي أصدرتها مؤخرا المحكمة الابتدائية بالرباط يوم 27 يناير 2021 ضد المؤرخ المعطي منجب وعدة نشطاء آخرين.
هذا الحكم الاخير الذي أصدرته المحكمة الابتدائية بالرباط في حق السيد المعطي منجب فيه خرق واضح لمقتضيات الدستور المغربي خاصة المادتين 120 و125 ، واللتين تقضيان بوجوب ضمان محاكمة علنية و عادلة لكل مواطن مغربي، حيث تبين لنا من خلال بيان أصدره دفاع السيد المعطي منجب للرأي العام انهم لم يتم استدعاؤهم لحضور جلسة الحكم بل توصلوا، بحسب البيان، بمنطوق الحكم من خلال موقع الكتروني، و ليس خلال جلسة المحاكمة.
كما قضت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بالمحكمة الابتدائية بمراكش، بالحكم على الحقوقي محمد المديمي، رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان، بأربع سنوات نافذة، وذلك بتهمة “إهانة هيئة منظمة والتحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة بواسطة الوسائل الإلكترونية والورقية التي تحقق شرط العلنية”، وهي التهمة التي نفاها دفاع المديمي لغياب أي دليل مادي على ما نُسب إليه، وهو ما يدفعنا الى اعتبار الحكم قاس جدا وغير ذي أساس قانوني سليم.
وفي نفس السياق، تم اعتقال الناشط عادل البداحي يوم 3 فبراير الجاري، بعد ستة اشهر من خروجه من السجن، وذلك بسبب كشفه عن عدة ملفات فساد، كما تم استدعاء الصحفي حفيظ زرزان للتحقيق ثم المتابعة القضائية حول تدوينة نشرها حول اغتصاب و مقتل الطفل عدنان في مدينة طنجة، وفي خطوة أخرى قررت المحكمة الابتدائية في تطوان، متابعة أربعة شبان اعتقلوا على خلفية احتجاجات ساكنة مدينة الفنيدق شمال المغرب بسبب تفاقم الوضعية الاقتصادية والاجتماعية في المدينة خاصة بعد فرض إجراءات الحجر الصحي بسبب وباء كورونا.
وفي إصرار واضح على انتهاك الحقوق والحريات الاساسية، اعتقلت السلطات المغربية الناشط شفيق العمراني إثر عودته من الولايات المتحدة الأمريكية، للاشتباه في ارتكابه أفعالا تكتسي صبغة جرمية، بنشره لمجموعة من الفيديوهات تتضمن عبارات مسيئة ومهينة في حق مؤسسات دستورية وهيئات منظمة وموظفين عموميين، بحسب بلاغ لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، كما تم منع أفراد من عائلته من حضور جلسة محاكمته، وهو ما يناقض مبدأ علنية الجلسات.
إن منظمة إفدي الدولية و هي تتابع وضع الحريات بالمغرب، تدق ناقوس الإنذار مطالبة السلطات المغربية بتطبيق القانون واحترام دستور المملكة والتزاماتها الدولية في مجال حماية وحفظ حقوق الانسان، وتجنب استخدام المقاربة الأمنية في تعاطيها مع الاحتجاجات وحرية التعبير المكفولة دستوريا.
كما نطالب السلطات المغربية بإطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية إبداء آرائهم وكشفهم ملفات الفساد مع ضمان الحد الأدنى من الحقوق والحريات.
وفي هذا السياق نعبر عن قلقنا من وضع معتقلي حراك الريف الموزعين على سجون المملكة، ونحمل السلطات المغربية كامل المسؤولية عن سوء معاملتهم أوحرمان بعضهم من العلاج والدواء.
بناء على كل ما سبق، فإننا نشهد تراجعا خطيرا للحريات الأساسية في المغرب يستلزم منا أن نطالب عقلاء المملكة من المسؤولين ان يتجنبوا سياسة القبضة الأمنية مع التاكيد على أنه لا بديل عن الحوار وقبول الرأي الآخر لحل كل المشاكل الاجتماعية والاقتصدية والحقوقية…
قسم الشرق الاوسط و شمال افريقيا
منظمة إفدي الدولية لحقوق الانسان
9 فبراير 2021