قضت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء أمس الثلاثاء بسجن زعيم “حراك الريف” ناصر الزفزافي وثلاثة آخرين لمدة عشرين عاما، بعدما أدانتهم بتهمة “المشاركة بمؤامرة تمس بأمن الدولة”، فيما حكمت على 49 آخرين بالسجن فترات تتراوح بين عامين و 15 عاما، وبالغرامة على متهم واحد, هذه الأحكام القاسية صدرت في غياب المتهمين الذي يحاكمون منذ منتصف أيلول/سبتمبر 2017 والذين قرروا منذ منتصف حزيران/يونيو الجاري مقاطعة ما تبقى من جلسات محاكمتهم.
وتعود أحداث هاته القضية إلى الاحتجاجات التي هزت مدينة الحسيمة ونواحيها على مدى أشهر ما بين خريف 2016 وصيف 2017 حيث خرجت أولى تلك المظاهرات في الحسيمة احتجاجا على حادث أودى بحياة بائع السمك محسن فكري مما أدى إلى اعتقال حوالي 450 شخصا.
إن هذه الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف أمس هي تتويج لمسار محاكمة افتقدت لشروط المحاكمة العادلة منذ بدايتها, حيث أجمع المتهمون أمام القضاء وفِي محاضر التقديم والتحقيق ومحاضر الجلسات بأنهم لم تحترم حقوقهم خلال مرحلة الحراسة النظرية والبحث التمهيدي وفِي جميع الإجراءات التي قامت بها الضابطة القضائية بما في ذلك أثناء تحرير المحضر والتي وصلت إلى حد التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة والمجرمة بمقتضى القانون الجنائي والدستور .
إن الاعتماد الكلي على محاضر الضابطة القضائية رغم التجاوزات و الاختلالات التي شهدتها هو تأكيد على أن هذه المحاكمة هي محاكمة سياسية بل هي تجديد للمحاكمات التي عرفها المغرب في سنوات الرصاص و هذا يجعلنا نتساءل حول مدى استقلالية القضاء في المغرب
اننا نطالب السلطات القضائية بالمغرب أن تعيد النظر في هذه الأحكام القاسية و أن تسرع بالإفراج عن معتقلي الحراك في الريف خاصة و أن هذا المطلب يعتبر مطلبا شعبيا, مدنيا و حقوقيا و أن الحكومة المغربية قامت بإطلاق مشاريع إنمائية والتسريع بإنجاز أخرى تجاوبا مع مطالب “الحراك”، كما أعفت وزراء ومسؤولين اعتبرتهم مق ّصرين في تنفيذ تلك المشاريع.
نرجو ألا تضطر الدولة إلى خلق هيئة الإنصاف والمصالحة للمرة الثانية للتصالح هذه المرة مع منطقة الريف، وستأكد في تقريرها مرة أخرى تورط القضاء في القمع والإنتهاكات التي تعرفها المنطقة من خلال الأحكام القاسية,
قسم الشرق الأوسط و شمال إفريقيا
منظمة افدي الدولية لحقوق الانسان
26 يونيو 2018