الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المغرب: الحكم على حميد المهداوي يهدد حرية الصحافة والإعلام.

تلقينا وبقلق شديد الحكم الصادر يوم الإثنين 11 نونبر 2024 عن المحكمة الابتدائية بالرباط في حق الصحفي حميد المهداوي، مدير نشر موقع “بديل”، والذي قضى بحبسه لمدة سنة ونصف وتعويض مالي قدره 150 مليون سنتيم لصالح وزير العدل عبد اللطيف وهبي والذي تقدم بشكاية ضد الصحفي المهداوي بتهمة ”بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة من أجل التشهير بالأشخاص، والقذف، والسب العلني”.

إن اللجوء إلى القانون الجنائي في قضايا تخص الصحافة و النشر هو تكميم لأفواه الصحفيين و منع غير قانوني لهم من الخوض في قضايا الشأن العام.
وهذا الحكم القاسي يمثل استمرارية لانتهاك حرية الصحافة والتعبير، والتي تعد من الحقوق الأساسية المكفولة دستورياً والمواثيق الدولية.
فالفصل 25 من الدستور المغربي ينص بوضوح على أن “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها.”، ويعزز ذلك الفقرة الأولى من الفصل 28 التي تقضي بأن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.”. الشيء الذي يجعل حكم ابتدائية الرباط، يتعارض بشكل تام مع هذه المقتضيات الدستورية، ويمس بحق المواطن المغربي في الحصول على المعلومة المستقلّة والشفافة.
كما أن المغرب بصفته دولة عضو في المجتمع الدولي، وقّع على العديد من الاتفاقيات والعهود الدولية التي تضمن حرية الصحافة والرأي كحق أساسي، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يُعتبر من الوثائق الأساسية للحقوق والحريات، والذي يؤكد في المادة 19 على “حرية التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار عبر وسائل الإعلام المختلفة، دون اعتبار للحدود”.
وبالرغم من الدور الأساسي الذي يلعبه الصحفيون في إيصال الحقيقة وكشف الفساد والدفاع عن قضايا المجتمع، إلا أننا نشهد في الآونة الأخيرة تصاعدًا في الممارسات التي تستهدفهم وتعرضهم لملاحقات قضائية تحد من قدرتهم على أداء مهامهم بشكل مستقل وفعال، وهي ممارسات تقوض ركائز الدولة الحديثة، وتعوق التنمية المستدامة التي تعتمد على الشفافية والمساءلة.

وتعبر منظمة إفدي الدولية عن تضامنها الكامل مع الصحفي حميد المهداوي وجميع الصحفيين الذين يواجهون مضايقات تهدف إلى تقييد دورهم في تنوير الرأي العام. كما تؤكد المنظمة أن حماية حرية الصحافة هي ضمانة أساسية لاستمرار العملية الديمقراطية، وأن الصحافة المستقلة هي عنصر جوهري في بناء مجتمع عادل ومتقدم.
تجدد منظمة إفدي الدولية إدانتها لهذا الحكم، وتدعو السلطات المغربية إلى الالتزام بمبادئ الدستور واحترام المعايير الدولية لحرية الصحافة، من خلال حماية الصحفيين من كافة أشكال المضايقات والترهيب القضائي. وتحث السلطات المغربية على اتخاذ خطوات ملموسة لضمان بيئة آمنة ومواتية للعمل الصحفي، مما يعزز دور الإعلام في إرساء قواعد الشفافية والمساءلة، ويعزز الثقة في المؤسسات.

منظمة إفدي الدولية
قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
14/11/2024

زر الذهاب إلى الأعلى