في تحدي صارخ لكل القوانين والأعراف والنداءات الدولية، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي فرض حصاره الجائر على مخيم جباليا وبيت لاهيا شمالي قطاع غزة، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل خطير مع تصعيد وتيرة جريمة الابادة الجماعية في القطاع وجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين الفلسطينيين.
إن هذه الأعمال تمثل انتهاكًا صارخًا لأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
إن فرض الحصار على قطاع غزة، بما في ذلك مخيم جباليا وبيت لاهيا، يشكل مخالفة واضحة للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحظر العقاب الجماعي والأفعال الانتقامية ضد المدنيين، كما أن منع وصول المساعدات الإنسانية وحرمان السكان من الوصول إلى المواد الأساسية، مثل الغذاء والماء والدواء، يعد انتهاكًا للمادة 23 من نفس الاتفاقية الرابعة التي تضمن حرية مرور الإمدادات الإنسانية إلى المدنيين في حالات النزاع وكلها ترقى إلى جرائم حرب.
وتعتبر منظمة إفدي الدولية أن التصعيد المستمر في قطاع غزة عموما واستخدام القوة المفرطة والهجمات العشوائية ضد المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك تعمد استهداف المنازل والمرافق الحيوية كالمستشفيات ومراكز إيواء النازحين، جريمة إبادة جماعية وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، والتي تنص على أن أي عمل يهدف إلى “تدمير جماعة قومية أو عرقية أو دينية بشكل كلي أو جزئي” يشكل جريمة إبادة جماعية. والأعمال التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك القصف العشوائي الذي أسفر منذ بداية العدوان الاسرائيلي عن مقتل أكثر من 41615 مدني بينهم أطفال ونساء و الو الو أطباء ومسعفين وصحفيين وموظفي الأونروا، وإصابة أزيد من 96359 منذ السابع من أكتوبر الماضي، إضافة إلى تهجير السكان قسريًا وتصفيتهم بعد إعطاءهم الأمان، تهدف إلى إحداث دمار شامل في صفوف السكان الفلسطينيين.
ومنظمة إفدي الدولية إذ تندد بهذه الجرائم تُقدِّر أن المجتمع الدولي، وبموجب ميثاق الأمم المتحدة ووفق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، يقع على عاتقه واجب التدخل لوقف الجرائم والانتهاكات الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل. يشير هذا المبدأ إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تتحمل مسؤولية حماية الشعوب من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. وبالنظر إلى الانتهاكات الممنهجة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة، فإن المجتمع الدولي ملزم باتخاذ خطوات فورية وناجعة لحماية المدنيين وإنهاء الحصار المفروض.
كما ندعوا مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية (ICC) إلى فتح تحقيقات فورية ومستقلة حول الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، وتحديد المسؤولين عن هذه الجرائم ومحاسبتهم وفقًا لما يقتضيه نظام روما الأساسي، بحيث لا يمكن أن تمر هذه الانتهاكات دون محاسبة، لأن توالي الإفلات من العقاب رغم حجم الجرائم المرتكبة يشجع على تكرارها مما يزيد من معاناة المدنيين وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
وفي الأخير نطالب بالرفع الفوري للحصار المفروض على مخيم جباليا وبيت لاهيا وباقي البقاع في قطاع غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، ووقف كافة أشكال العنف والاعتداءات بحق المدنيين الفلسطينيين.
قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
منظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان
9/10/2024