في سياق التصعيد العسكري المستمر الذي تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقعت حادثة مأساوية جديدة في بلدة قباطية شمال الضفة الغربية يوم الخميس الماضي، حيث قامت القوات الإسرائيلية بمحاصرة ثلاثة فلسطينيين داخل مبنى مكون من طابقين، واستخدام قذائف “إنيرجا” الحارقة لقصفه قبل قتلهم، ومن ثم التمثيل بجثثهم ورميها من فوق سطح المنزل.
تأتي هذه الحادثة ضمن سلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وتفاقم الوضع بشكل خاص بعد الأحداث الدامية الأخيرة في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث تجاوزت حصيلة القتلى الفلسطينيين في شهرين فقط أكثر من 500 شخص، نصفهم من النساء والأطفال، نتيجة الهجمات العسكرية الإسرائيلية.
وفقاً للقانون الدولي الإنساني، وتحديداً المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، “يجب احترام كرامة الإنسان في جميع الأحوال، سواء كان على قيد الحياة أو بعد وفاته”. كما تُعتبر المادة 130 من نفس الاتفاقية أن “الإساءة إلى الجثامين أو جرحى العدو يشكل انتهاكاً جسيماً”.
البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 يشدد على وجوب “معاملة جثث القتلى بكرامة واحترام، وضمان دفنهم بطريقة لائقة”. وبالنظر إلى أن هذه الحقوق تمتد حتى بعد الوفاة، فإن التعامل مع جثث الفلسطينيين بهذه الطريقة البشعة يُعتبر انتهاكاً صارخاً لهذه المبادئ والقوانين.
تتزامن هذه الانتهاكات مع تصعيد إسرائيلي غير مسبوق في غزة، حيث دمرت البنية التحتية بالكامل تقريباً في العديد من المناطق، وزادت حصيلة الضحايا في ظل الغارات الجوية المستمرة والحصار الخانق. إضافة إلى ذلك، تتواصل الانتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك عمليات التهجير القسري والمداهمات الليلية، ما يؤدي إلى تفاقم معاناة السكان بشكل غير مسبوق.
على ضوء هذه الجرائم المتواصلة، نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، خاصة مجلس حقوق الإنسان و اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتوثيق هذه الجرائم وتحقيق العدالة، كما ندعو مجلس الأمن الدولي للتدخل الفوري لحماية المدنيين الفلسطينيين وضمان احترام القانون الدولي الإنساني في فلسطين المحتلة.
ونجدد طلبنا لمحكمة الجنائية الدولية لتسريع إصدار مذكرات التوقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في ارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك التمثيل بجثث القتلى الفلسطينيين.
إن استمرار هذه الانتهاكات دون عقاب سيؤدي إلى تفاقم الوضع، خاصة مع التصاعد المستمر في حدة العنف والاعتداءات التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين.
وأمام هذه التطورات المتسارعة، يقع على عاتق كل المؤسسات الدولية والإقليمية تفعيل جميع الآليات القانونية الدولية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، ولضمان تطبيق القرارات الأممية والاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية التي تنص على منع ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم.
قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
منظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان
21/09/2024