يوم الأحد الماضي و استنادا إلى تأويل متعسف للفصل 80 من الدستور التونسي, أعلن الرئيس قيس سعيد إقالة الحكومة و تجميد عمل البرلمان وتولي منصب النائب العام وذلك لمدة ثلاثين يوما مع تعيين حكومة جديدة.
هذه القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي، والتي تأتي في سياق تعاني فيه تونس من أزمة صحية خطيرة مرتبطة بوباء كورونا، تهدد استقرار البلاد وتضرب أسس دولة الحق والقانون لأن الفصل بين السلطات أمر ضروري للممارسة الديموقراطية ولسيادة القانون.
وفي بلد يعتبر الديموقراطية الحقيقية الوحيدة في العالم العربي، كان لهذا الإعلان أثر بالغ حيث بدأنا نشهد اشتباكات بين المؤيدين والمعارضين، ونخشى أن تؤدي هذه الاحتكاكات إلى سقوط ضحايا بين المُحتجين وانفلات أمني تُجهل عواقبه على استقرار تونس.
وبالنسبة لنا نؤكد على أن هذا القرار غير دستوري البتة، ولا ينسجم مع قيم الديمقراطية، فحسب نص الفصل 80 من الدستور التونسي الخاص بالإجراءات الاستثنائية، فإن “لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتّمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن التدابير في بيان إلى الشعب”، ولا يوجد في الوقائع ما يبرر تطبيق مُقتضيات هذه المادة تطبيقا سليماً، خاصة وأنها تشترط استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإبلاغ رئيس المحكمة الدستورية وهي شروط يبدو أنها لم تحترم من قبل الرئيس التونسي.
ونعتبر قرار تجميد عمل البرلمان يفتقد للشرعية القانونية حيث تنص المادة 80 نفسها على اعتبار “مجلس نواب الشعب (البرلمان) في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز له تقديم لائحة لوم ضد الحكومة “. لذلك لا يجوز ، حسب هذه المادة الدستورية، حل أو إقالة أعضاء البرلمان. فبالأحرى منع النواب المنتخبين من الولوج لقبة البرلمان بقرار إداري وأمني صرف.
إننا في إفدي الدولية إذ نجدد رفضنا لقرارات السيد قيس سعيد، ندين بشدة سلوك السلطات التونسية التي داهمت بشكل غير رسمي مقر قناة الجزيرة في تونس و ذلك في انتهاك للمعاهدات الدولية و للمادة 31 من الدستور التي تنص على أن “حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مكفولة” والتي تذكر ان “هذه الحريات لا يمكن ان تخضع لرقابة مسبقة”.
كما ننبه المجتمع الدولي إلى النتائج الوخيمة التي قد تترتب عن هذه القرارات والتجاوزات الدستورية والقانونية والتي تهدد بإشعال فتيل النار في تونس وتعصف باستقراره.
منظمة إفدي الدولية لحقوق
قسم الشرق الاوسط وشمال إفريقيا
27 يوليوز 2021