اعتبرت منظمة إفدي الدولية أن إصرار الرئيس التونسي قيس سعيد على تعطيل عمل البرلمان وعدد من المؤسسات الدستورية وعلى رأسها المحكمة الدستورية، وإصداره لعدد من التشريعات والقوانين الاستثنائية هو اعتداء على الحقوق الأساسية للمواطنين المكفولة في الدستور التونسي والمواثيق والعهود الدولية، والتي تخول للأمن التونسي اعتقال المعارضين وترهيبهم والزج بهم في المعتقلات. وأهم هذه القرارات : المرسوم 54 الخاص بمكافحة جرائم أنظمة المعلومات والاتصال والذي بموجبه قد يتعرض المتهم لعقوبات قد تصل إلى السجن 10 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة. والقانون عدد 26 المعدل بمقتضى القانون الأساسي عدد 9 والخاص بمكافحة الإرهاب، ومنع غسل الأموال، وبعض مواد القانون الجنائي، اضافة الى الوصاية التي أصبح يمارسها رئيس الجمهورية على مؤسسة القضاء وهو ما يُفقد هذا الأخيرة استقلالها وحيادها، ويجعل منها طرفا في التجاذبات السياسية في البلد،
ومنذ فبراير الماضي قامت السلطات التونسية بحملة من التوقيفات والاعتقالات ضد معارضين سياسيين ونقابيين وقضاة ومحامين وإعلاميين ورجال أعمال وتعريض بعضهم لمحاكمات عسكرية بتهم التآمر على أمن الدولة وغسل الأموال. وعلى إثر ذلك تم اعتقال وسجن كل من علي العريض رئيس الحكومة السابق، نور الدين البحيري وزير العدل السابق، القاضي بشير العكرمي والذي قد تم عزله رفقة 57 قاضيا آخر، ونور الدين بوطار المدير العام لإذاعة موزاييك والمخامي رضا بلحاج والمحامي غازي الشواشي والمحامي لزهر العكرمي والمعارضة شيماء عيسى والمعارض خيام التركي والمعارض عبد الحميد الجلاصي والمعارض جوهر بن مبارك وعدد من الشخصيات الأخرى، وقد تم اقتياد بعض منهم إلى جهات غير معلومة، والان اغلبهم في سجن المرناقية.
كما تعرض عدد من المعتقلين لسوء المعاملة والحرمان من حقوقهم الأساسية داخل السجون مما دفع ببعضهم للدخول في إضراب عن الطعام كالقيادي في جبهة الخلاص الوطني المعارضة جوهر بن مبارك ، والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، وهو ما قد يعرض حياتهم للخطر.
كما سجلت إفدي الدولية تجاوزا لحقوق المهاجرين المتواجدين على الأراضي التونسية خصوصا بعد التصريح الذي أدلى به الرئيس التونسي سعيد بخصوص الهجرة، والذي نعتبره محرضا ضد المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء. وهذا التصريح قد يؤدي، وفق ما صرحت به المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون، إلى الدفع بالعديد من المهاجرين للهرب من تونس خشية تعرضهم للمضايقة والإعتداءات العنصرية.
وارتباطا بما سبق تطالب منظمة إفدي الدولية السلطات التونسية برفع يدها على المؤسسات الدستورية الحيوية في البلاد، واحترام استقلالية القضاء، وعدم انتهاج سياسة الانتقام من الأصوات المعارضة،
وتدعوا الى الإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والقضاة وكل من طاله الإعتقال التعسفي.
وفي الأخير تخاطب المنظمة ضمير السيد قيس سعيد بأن يُغلب صوت الحكمة من أجل انقاذ الوضع الحقوقي في البلاد بالتراجع عن كل القرارات التي كانت سببا مباشرا في هذه الأزمة والانتكاسة الحقوقية في البلد.
قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا
منظمة إفدي الدولية
بروكسل 21 مارس 2023