تلقينا بقلق شديد القرار العاجل الثاني للبرلمان الأوروبي بشأن الوضع الحقوقي في دولة الجزائر وبخاصة في مجال الحريات الأساسية المرتبطة بحريتي التظاهر والتعبير السلميين، حيث سلط البرلمان الأوروبي الضوء على هذا التدهور الحقوقي في الجزائر بعد الحملة القمعية المتصاعدة التي شنتها السلطات الجزائرية ضد مكونات المجتمع المدني والنشطاء السلميين والفنانين والصحفيين، والمس بحرية واستقلال القضاء عبر التدخل في قراراته وأحكامه، وهو ما يعتبر انتهاكا خطيرا للدستور والقوانين الوطنية ولمواثيق وعهود حقوق الانسان التي صادقت عليها الجزائر.
ومن أهم تجليات هذا الوضع حالة الصحفي خالد دراريني، الذي صدر الحكم بحبسه عامين في 15 سبتمبر 2020، بعد اعتقاله أثناء القيام بمهامه الصحافية،إذ كان يُغطي إحدى مظاهرات الحراك الشعبي. أيضا، حكمت محكمة الاستئناف بمعسكر (شمال- غرب) في شهر يوليوز على الصحفي علي جمال طوبال مراسل مجموعة النهار الإعلامية الخاصة بالسجن سنتين سجنا نافذة بتهمة نشر صور تظهر رجال شرطة يقمعون متظاهرين، وتم إطلاق سراحه مؤقتا في شهر غشت الماضي.
كما تصاعدت حملة الاعتقالات التعسفية، في حق النشطاء والمدونين وعدد من المدافعين عن حقوق الانسان أبرزهم؛ ياسين المباركي، وعبد الله بن عوم، ومحمد تاجديت، وعبد الحميد أمين، وعبد الكريم زغيليش، ووليد كشيدة، وإبراهيم لعلامي، وعيسى شوحة، وزهير قدام، ووليد نكيش، ونور الدين خيمود، وحكيم عدّاد، وفي هذا إخلال واضح بالتزامات الجزائر بعدد من العهود والمواثيق الدولية خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومواده 14 و19 و21 و22 المتعلقة بقضايا حريات التظاهر والتعبير وحماية المدافعين عن حقوق الانسان.
ونحن إذ نثمن ما جاء في القرار العاجل الثاني للبرلمان الأوروبي بخصوص الوضع الحقوقي، ندعو السلطات الجزائرية إلى:
– احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون في الجزائر، وايقاف جميع الاعتقالات التعسفية في حق الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني.
– الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين والمتهمين بممارسة حقهم المشروع في حرية التجمع والتظاهر وتكوين الجمعيات وحرية التعبير، سواء من خلال شبكة الإنترنت أو خارجها، وعلى رأسهم الصحفي محمد خالد دراريني، وباقي المعتقلين الذي أتى البيان على ذكرهم أعلاه.
– نعبر عن تخوفنا من التعديلات الدستورية الأخيرة والتي تطلق يد السلطة التنفيذية، مما يمس باستقلالية عدد من المؤسسات الأخرى وعلى رأسها مؤسسة القضاء، كما أنها تزيد من التضييق على الحقوق والحريات، وتمنع الرقابة المستقلة الفعالة على القوات العسكرية والأمنية، وهو ما يؤسس للافلات من المحاسبة والعقاب.
– نطالب السلطات الجزائرية بمراجعة قرارات حظر وسائل الإعلام وتمكين نساء ورجال الاعلام والصحافة من ممارسة وظيفتهم بما تمليه عليهم قوانينهم المهنية الوطنية والقوانين الدولية.
– ندعو المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، السيدة ميشيل باشليه، في ظل هذا التدهور الحقوقي والتضييق على الحريات الأساسية، للضغط على الحكومة الجزائرية بقصد تنفيس الوضع الحقوقي وحماية النشطاء والصحفيين من أجل ممارسة دورهم ومهامهم والمطالبة بالافراج العاجل عن جميع معتقلي الرأي، وخاصة في ظل تفشي جائحة كوفيد-19 والتي تهدد صحة وحياة السجناء والمعتقلين في السجون والمراكز الأمنية.
قسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا
منظمة إفدي الدولية لحقوق الانسان
05 ديسمبر 2020