بلغنا أن الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرو يعتزم التعبير عن انزعاجه وقلقه من الوضع الحقوقي في الجمهورية العربية المصرية، وذلك على هامش الزيارة المرتقبة لعبد الفتاح السيسي الى فرنسا إبتداءً من يوم الإثنين 23 أكتوبر 2017. ونحن اذ نرفض هذه الزيار، نستغرب من قبول استقباله رغم أن القضاء الفرنسي لازال ينظر في الدعوى المقدمة ضده. فهو وبحسب التقارير الحقوقية الرسمية وغير الرسمية متورط في جرائم التعذيب والقتل خارج إطار القانون وغيرها من الجرائم والتي ترقى في نظرنا الى جرائم ضد الانسانية (حادث فض اعتصام رابعة وتعذيب وقتل المدنيين في سيناء٬ ناهيك عن المشاركة في تقتيل الشعب اليمني٬ والسوري والليبي وكذا الدعم الفعلي لحصار الشعب القطري…).
وعليه نذكر بسياق الدعوى وملابساتها:
- في تاريخ 26 نوفمبر 2014 قدمت منظمتا إفدي الدولية لحقوق الإنسان، وصوت حر بصفتهما طرفا مدنيا عبر دفاعهما الممثل في الاستاذ المحامي الدولي جيل دوفير للمحكمة العليا في باريس شكاية ضد عبد الفتاح السيسي على خلفية تهم التعذيب العمد والمعاملة الحاطة من الكرامة الآدمية، وذلك وفقا لمقتضيات المادة 222-1 من قانون العقوبات الفرنسي، والمواد 85؛ 689-1 و689-2 من قانون الإجراءات الجنائي الفرنسي، حيث توفّرَ لنا الشرط الوحيد الذي يشترطه المشرع الفرنسي وهو تواجد مرتكب جريمة التعذيب فوق التراب الفرنسي وهو ما تحقق، حيث كان المشتكى به في زيارة رسمية الى فرنسا للاجتماع مع الحكومة الفرنسية برئاسة السيد فرانسوا هولاند.
- قبول قاضي التحقيق الفرنسي للشكاية نظرا لنظام الولاية القضائية الشاملة والتي يتمتع بها القضاء الفرنسي في جرائم التعذيب والأعمال الوحشية، والمعاملة الحاطة من الكرامة الآدمية.
وبهذا لجأنا الى تفعيل مواد القانون الجنائي الفرنسي المشار إليها أعلاه:
- المادة 222 الفقرة الأولى منها والتي تنص على انه من تسبب في تعذيب شخص ما او معاملته معاملة غير إنسانية (وحشية)، يعاقب بالسجن لمدة 15 سنة
- الفصل 689 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي، والذي ينص في فقرته الاولى، تطبيقا للاتفاقات الدولية المتعلقة بالفصول السالفة الذكر على انه: يمكن ان يتابع ويحاكم امام القضاء الفرنسي، إذا تواجد فوق التراب الفرنسي، كل الأشخاص المتهمين ولو خارج التراب الفرنسي بالجرائم المحددة في هذا الفصل. وفي الفقرة الثانية من نفس الفصل والتي تقول، تطبيقا لاتفاقية مناهضة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والمعتمدة في نيويورك في العاشر من شهر ديسمبر 1984، يمكن متابعة ومحاكمة وفقا للشروط المنصوص عليها في الفقرة الاولى من هذا الفصل، كل شخص متهم بالتعذيب بمفهوم المادة الأولى من الاتفاقية.
فالولاية القضائية مرتبطة ارتباطا شرطيا في مثل هذه القضايا بوجود الشخص على التراب الفرنسي، وهو ما كان مسوغا قانونيا لقبول الشكوى لوجود السيسي فوق التراب الوطني الفرنسي، وعليه ومنذ 26 نوفمبر 2014، توصلنا بمراسلات عدة من طرف كتابة السيد قاضي التحقيق الفرنسي تلتمس منا استكمال ملف القضية ببعض الوثائق الإدارية للضحيتين وطرفا الحق المدني، وهذا ما كان يتم في كل مرة، إلى أن توصلنا في تاريخ 21 يناير 2016 بمراسلة من المحكمة الفرنسية، تدعونا الى وضع ضمانات مادية، مما يعني في عرف التقاضي في دولة فرنسا، أن الدعوى قد قبلت شكلا ومضمونًا، ولا ينقص شيء في هذا الإجراء كي يقوم السيد قاضي التحقيق الفرنسي باستدعاء المتهمين للتحقيق معهم والاستماع الى أقوالهم في كل ما وُجِّه ضدهم من تُهم، ولنا في هذا عدة سوابق قضائية مماثلة لقضيتنا هاته والتي لا يسمح المقام الاسترسال في سردها.
وهذه الزيارة لربما تكون مسوغا قانونيا لإدخال ملفات تعذيب جديدة بغرض تسريع وتيرة سير الدعوى، وننتظر من السيد قاضي التحقيق ان يستدعي بعض المسؤولين الأمنيين والسياسيين المرافقين للوفد الرسمي للتتبث من تورطهم في كل ما سبق من تهم التعذيب. وعليه نؤكد مرة أخرى في منظمة إفدي الدولية رفضنا لزيارة عبد الفتاح السيسي لفرنسا.
قسم اروبا واسيا الوسطى
منظمة إفدي الدولية
23 /10/2017