مرت سنة كاملة على مقتل الكاتب والصحفي السعودي جمال خاشُقجي داخل مبنى قنصلية بلاده، على أيدي قيادات أمنية رفيعة المستوى في المملكة العربية، ومنذ سنة والتحقيقات السعودية في ملابسات القضية تراوح مكانها، لعدم الرغبة في التعاطي الجدي معها حيث عرفت القضية تباينا كبيرا في مواقف السلطات السعودية ورواياتها، فإنتقلت من الإنكار التام لتواجد خاشُقجي في القنصلية الى التصريح بخروجه منها، وبعدها الى وفاته بعد شجار مع موظفي القنصلية، ثم خلُصت الى مقتله من طرف “مارقين” كما وصفهم المدعي العام السعودي لابعاد المسؤولية عن الفاعلين الحقيقيين في القضية.
وفي 26 يونيو من هذه السنة قدمت المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، السيدة انياس كالامارد، تقريرها الذي أجرته بناءً على زيارتها للقنصلية وإستماعها لعدد من التسجيلات والمكالمات الهاتفية، وغيرها من الأدلة والقرائن التي أطلعتها عليها السلطات التركية، وخلصت فيه الى اتهام سلطات المملكة بقتل خاشقجي خارج نطاق القضاء، وذكرت أن الجريمة جاءت “نتيجة لتخطيط تفصيلي يتضمن تنسيقاً واسعاً وموارد بشرية ومالية كبيرة” وأن“ هناك أدلة موثوقة ، تستدعي مزيدًا من التحقيق في المسؤولية الفردية لـ 15 مسؤولًا سعوديًا رفيعي المستوى، بما في ذلك ولي العهد السعودي ومستشاره الرئيسي.
وما اعتراف ولي العهد محمد بن سلمان بمسؤوليته عن مقتل خاشقجي إلا تأكيدا لما خلصت إليه كل التقارير ولما ذهبنا اليه منذ البداية في منظمة افدي الدولية بكونها جريمة قتل سياسية وبتورط مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى. هذا الاعتراف يضع مرة اخرى جدية السلطات السعودية المشكك فيها على المحك، وذلك نظرا لشكل تعاطيها مع القضية، ومدى إمكانية الكشف عن مكان جثة الضحية، والتعاطي الايجابي والجدي مع مطالب المدعي العام التركي ومحققي الآمم المتحدة.، وإطلاع الراي العام الدولي على أجواء المحاكمة الجارية للمتهمين.
وإننا في منظمة إفدي الدولية إذ كنا نُشكك في الرواية الرسمية السعودية كانت الوقائع توضح ما ذهبنا إليه، وذلك بتكييفنا القانوني منذ البداية بكونها جريمة قتل خارج نطاق القضاء، وانتهاكا لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وإعتداءا على اتفاقية فيينا المنظمة للعمل القنصلي.
والمنظمة إذ تُجدد إدانتها لجريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، تطالب في نفس الوقت سلطات المملكة بالتعاطي الإيجابي مع المطالب الحقوقية بالكشف عن الحقيقة كاملة، وتقديم الجناة الى العدالة الدولية.
وندعو المملكة الى احترام حرية الرأي والتعبير، وإطلق سراح كافة معتقلي ومعتقلات الرأي.
قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا
منظمة إفدي الدولية
02 أكتوبر 2019